مقاربة في ضوء الاحتجاجات الطلابية في العالم | عبد الرحمن نعسان
استدعت الاحتجاجات الطلابية الداعمة لفلسطين الذاكرةَ السياسية والثقافية لسلسلة من الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية؛ إذ مثَّلت أصداء الاحتجاجات الرافضة لحرب فيتنام والحراك الطلابي الداعم للحقوق المدنية، وحراك الطلاب الرافض لسياسات الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وقد وصفت صحفية "الغارديان" الاحتجاجات بأنها "ربما الحركة الطلابية الأكثر أهمية منذ الاحتجاجات المناهضة لفيتنام في الحرم الجامعي في أواخر الستينيات" (Helmore، 28 Apr 2024).
في ضوء هذه المعطيات الاحتجاجية جرى استئناف التساؤل مجدداً عن: المجتمع المدني، والفضاء العام، ودور الاحتجاجات الطلابية في صياغة الرأي العام، وموقع الجامعة الأمريكية من القوى السياسية. وسبق لأستاذ الأدب المقارن في جامعة كولومبيا وملهم الحراك الطلابي فيها (إدوارد سعيد)، أن وصف الجامعة الأمريكية بأنَّها واحدة من أكثر الأماكن تناقضاً؛ إذ تحيلنا صفة التناقض على التداخل بين القوى المعرفية والقوى السياسية؛ فالجامعة الأمريكية تتمتع باستقلالية خاصة، ولكنها في الوقت نفسه موضع استغلال سياسي (سعيد، 2008، ص 91-92)، بمعنى أنها تعدُّ نقطة استقطاب وتجاذب بين القوى المدنية والقوى السياسية، فهي مع استقلاليتها البحثية مُعرَّضة على الدوام لاستغلال نتائجها (سياسياً أو عسكرياً) وتوجيهها تمويلاً وإشرافاً، هذا ما يجعل نقد تسييس المعرفة سؤالاً متجدداً، ورهاناً متكرراً لدى الفئات الطلابية على نحو متواتر.